الجمعة، 11 أكتوبر 2013

مفاهم مجزوءة الوضع البشري


* الشخص: Personne

* يقول كانط: « الشخص هو الذات التي يمكن ان ننسب إليها مسؤولية أفعالها ».
* يدل في اللغة العربية على الظهور والتعين. كما قد يطلق حسب “أندري لالاند” على الشخص الطبيعي من حيث هو جسم ومظهر، وعلى الشخص المعنوي من حيث هو ذات واعية، وعلى الشخص القانوني من حيث أن له حقوقا وواجبات.

* الهوية: Identité

* جاء في معجم جميل صليبا ما يلي:
- « تطلق الهوية على الشخص إذا ظل هذا الشخص ذاتا واحدة رغم التغيرات التي تطرأ عليه في مختلف أوقات وجوده، ومنه قولنا هوية الأنا… وتسمى هذه الهوية بالهوية الشخصية ».
- « قال الفارابي : ” هوية الشيء، وعينيته، وتشخصه، وخصوصيته، ووجوده المنفرد له، كل واحد “.
هكذا يدل مفهوم الهوية الشخصية على الخاصية أو الخصائص التي تجعل الشخص مطابقا لذاته فيكون هوهو، أو متميزا عن غيره. فالهوية هي إذن مبدأ وحدة واختلاف.

* الذاكرة: Mémoire

جاء في معجم جميل صليبا ما يلي:
« الذاكرة هي القدرة على إحياء حالة شعورية مضت وانقضت مع العلم والتحقق أنها جزء من حياتنا الماضية… ويطلق لفظ الذاكرة على القوة التي تدرك بقاء ماضي الكائن الحي في حاضره ».

* الإرادة: Volonté

نجد في معجم جميل صليبا المعاني التالية:
- « هي في الأصل طلب الشيء، أو شوق الفاعل إلى الفعل (ابن رشد)… ».
- « الإرادة هي نزوع النفس و ميلها إلى الفعل، بحيث يحملها عليه… ».
- « الإرادة هي القوة التي هي مبدأ النزوع، وتكون قبل الفعل… أما إرادة الحياة فهي عند شوبنهاور المبدأ الكلي للجهد الغريزي الذي يحقق به كل كائن مثال نوعه، ويناضل ضد الكائنات الأخرى لاستبقاء صورة الحياة الخاصة به ».

* القيمة: Valeur

جاء في معجم جميل صليبا ما يلي:
« القيمة تطلق على كل ما هو جدير باهتمام المرء وعنايته… وقيمة الشيء من الناحية الذاتية هي الصفة التي تجعل ذلك الشيء مطلوبا ومرغوبا فيه… ويطلق لفظ القيمة من الناحية الموضوعية على ما يتميز به الشيء من صفات تجعله مستحقا للتقدير ».

* الكرامة: Dignité

نجد في معجم جميل صليبا التحديد التالي:
« هي اتصاف الإنسان بما يليق به من الفضائل التي تجعله أهلا للاحترام في عين نفسه وعين غيره. ويطلق اصطلاح الكرامة الإنسانية على قيمة الإنسان من جهة ما هو ذو طبيعة عاقلة ».

* الواجب: Devoir

جاء في معجم جميل صليبا المعنى التالي:
« هو الإلزام الأخلاقي الذي يؤدي تركه إلى مفسدة. ويطلق على الأمر المطلق في فلسفة كانط، وهو الأمر الحازم الذي يتقيد المرء لذاته، دون النظر إلى ما ينطوي عليه من لذة أو منفعة ».

* الضرورة: Nécessité

جاء في معجم جميل صليبا ما يلي:
- « [الضرورة] اسم لما يتميز به الشيء من وجوب أو امتناع ».
- « الضروري في اصطلاحنا هو الأمر الدائم الوجود، أو الأمر الذي لا يمكن تصور عدمه، وهو مرادف للواجب، وضده الجائز ».
- « ويطلق لفظ الضروري أيضا على نتيجة القياس اللازمة عن مقدماته ».
- « الضروري في اللغة كل ما تمس الحاجة إليه، وكل ما ليس منه بد ».

* الحتمية: Déterminisme

جاء في معجم جميل صليبا ما يلي:
- « هي القول إن كل ظاهرة من ظواهر الطبيعة مقيدة بشروط توجب حدوثها اضطرارا … أو هي القول بوجود علاقات ضرورية ثابتة في الطبيعة توجب أن تكون كل ظاهرة من ظواهرها مشروطة بما يتقدمها أو يصحبها من الظواهر الأخرى ».
- « الحتمية بالمعنى الفلسفي مذهب من يرى أن جميع حوادث العالم، وبخاصة أفعال الإنسان، مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا محكما … ».

· الحرية: Liberté

نجد في معجم جميل صليبا المعنى التالي:
« الحرية خاصة الموجود الخالص من القيود، العامل بإرادته أو طبيعته… وإذا كانت الحرية مضادة للحتمية دلت على حرية الاختيار، وهي القول إن فعل الإنسان متولد من إرادته».
نكتفي بهذه المفاهيم، مع العلم أن هناك مفاهيم أخرى في الدرس يتوجب الاهتمام بها والبحث عن دلالاتها الفلسفية.

عوامل ظهور الفلسفة عند اليونان

لقد كان ظهور الفلسفة في بلاد اليونان إعلانا عن إحداث قطيعة في التفكير لدى الإغريق، حيث تم الإنتقال من الخطاب الشفوي الأسطوري إلى الخطاب الفلسفي المكتوب الذي يعتمد على الاستدلال العقلي وإنتاج الأفكار والمفاهيم العقلية المجردة. وقد كان للعامل السياسي دور كبير في بزوغ هذا الفكر الجديد حيث ظهرت الفلسفة في مناخ ديمقراطي عرفته المدينة الدولة، حيث سادت حرية التعبير وأصبحت كل القضايا مطروحة للنقاش الحر والعلني.

ويعتبر طاليس وأنكسمانس وأنكسمندر أقطاب المدرسة الأيونية التي ظهرت في مدينة ملطية في القرن 6 ق.م. وقد كانوا علماء يهتمون أساسا بالرياضيات والعلوم الطبيعية.غير أن هذا لم يمنع الكثير من الباحثين من نعتهم بالفلاسفة الطبيعيين نظرا لاهتمامهم بالطبيعة وأصل الكون. وقد شكلت أبحاثهم قطيعة مع الفكر الأسطوري الذي كان سائدا من قبل في بلاد اليونان، مما يجعلهم يمثلون الإرهاصات الأولى للفكر الفلسفي في الحضارة الإغريقية. وسميت المدرسة الأيونية بهذا الاسم نسبة إلى إقليم أيونية الواقع على شاطئ آسيا الصغرى. وتم تكوينها وتأسيسها في مدينة ملطية خلال القرنين 7و6 ق.م. وقد سمي فلاسفتها بالطبيعيين لبحثهم في أصل الطبيعة والوجود.


وقد ساهمت عدة عوامل في ظهور الفلسفة : منها استفادتهم من ثقافات وعلوم الحضارات الشرقية القديمة كالفرعونية والبابلية. كما ارتبط ظهور الفلسفة بظهور نظام الدولة المدينة كنظام سياسي ديمقراطي عرف جدلا وحوارا وحرية في التعبير، واستخداما للأساليب الحجاجية والبرهانية.


وتقع بلاد اليونان في القارة الأوروبية. وتحدها من الشرق آسيا الصغرى، ومن الغرب إيطاليا. أما في الشمال فنجد مقدونيا، في حين تقع جزيرة كريت في الجنوب.


وواضح أن موقع اليونان الاستراتيجي ساهم في تحضرها وازدهار مدنها؛ فآسيا الصغرى التي توجد شرق اليونان كانت، في الفترة السابقة للفيلسوف اليوناني الكبير أفلاطون، تعرف رواجا تجاريا وصناعيا، وكذلك ازدهارا فكريا و ثقافيا. كما كانت جزيرة كريت التي تتواجد في البحر الأبيض المتوسط جنوب بلاد اليونان تعرف هي الأخرى تحضرا وتمدنا في الألف سنة الثانية قبل المسيح. وهذا الازدهار الحضاري الذي عرفته بلاد اليونان سواء في الشرق أو الجنوب، فضلا عن استعمار أجزاء منها من طرف صقلية وإسبانيا، سيساهم بشكل كبير في تحضر المدن اليونانية نظرا لما عرفته من رواج اقتصادي وازدهار ثقافي.


وقد كانت المدن اليونانية منعزلة عن بعضها البعض بفعل العوامل الطبيعية من تضاريس وبحار، وهو أمر جعل كل مدينة عبارة عن دويلة صغيرة تعيش اكتفاءا ذاتيا، سواء من الناحية الاقتصادية بفعل الأرض الزراعية الخصبة أو من الناحية السياسية والثقافية، إذ عرفت هذه المدن نظما في الحكم وأسلوبا في العيش وأشكالا ثقافية تميزها عن باقي المدن في الولايات الأخرى.


ومن أهم تلك المدن "أثينا" التي تحتل موقعا متميزا في بلاد اليونان، إذ كانت البوابة التي تطل على مدن آسيا الصغرى وعلى حضارة الشرق القديم. وهذا الموقع جعلها تستفيد من علوم الحضارات الشرقية العريقة وثقافاتها وخيراتها الاقتصادية، خصوصا إذا علمنا أن أثينا كانت تتوفر على أسطول بحري كبير حولته فيما بعد إلى أسطول تجاري، سيجعلها في تلاقي ثقافي وتجاري دائم مع الشعوب المجاورة.


ومن بين العوامل التي ساعدت على ظهور التفكير الفلسفي في بلاد اليونان يمكن الإشارة إلى ما يلي:


- إشاعة السلطة السياسية بين الناس: إذ لم تعد حكرا على بعض العائلات، بل أصبح الجميع يساهم في اتخاذ القرارات السياسية التي يتوصل إليها عن طريق قواعد الإشهار والدعاية السياسية والحوار الصريح والنقاش الحر الذي يتأسس على تبادل الحجج ووسائل الإقناع المختلفة.


- إشاعة الثقافة بين الجميع؛ وذلك بفضل انتشار الكتابة الأبجدية التي أتاحت للناس تعلم القراءة والكتابة، والمشاركة في المنتديات الثقافية واللقاءات الأدبية والأنشطة الفنية والمسرحية، التي كانت تعرض في الساحة العمومية أو "الأغورا" أمام أعين الناس.


وهكذا فإن انتشار حرية الرأي وإشاعة ثقافة الحوار ساهم في تطور فكر يتأسس على قواعد الحجاج والاستدلال والبرهان والنقد وحوار المناظرة.... وهي من أهم الخصائص التي يرتكز عليها التفكير الفلسفي.


وعلى العموم يمكن اختصار عوامل نشأة الفلسفة عند اليونان في ما يلي:


- عوامل اقتصادية: عرف المجتمع الإغريقي خلال القرن 7 ق.م تطورا اقتصاديا هاما، تمثل في التحول إلى النشاط التجاري والصناعي بدل الاعتماد على النشاط الرعوي والفلاحي. وقد رافق هذا ظهور العملة النقدية. ومعلوم أن التعامل بالنقود يساعد على تطور الفكر التجريدي بالقياس إلى المقايضة التي ترتكز على ما هو حسي.


- عوامل سياسية : وتتمثل أساسا في الانتقال من حكم النبلاء، أي الأوليغارشية « oligarchia » أو حكم الأقلية، إلى الحكم الديمقراطي الذي تجسد في نظام الدولة المدينة التي عرفت مناخا سياسيا وفكريا سادت فيه حرية التعبير والجدل والحوار، الذي كان يتم أساسا في الساحة العمومية –agora – التي توجد في قلب المدينة – الدولة.


- عوامل ثقافية: تمثلت في ازدهار العلوم الدقيقة كالرياضيات وعلم الفلك، لاسيما أن الفلاسفة الأوائل كانوا علماء أمثال طاليس وفيتاغورس. كما نسجل هنا انتقال الفكر اليوناني من الميثوس mythos إلى اللوغوس logos؛ أي من التفكير القائم على الأسطورة إلى التفكير القائم على العقل. فضلا عن انتشار الكتابة الأبجدية، وإشاعة الثقافة بين عموم الناس؛ وهي كلها عوامل ساعدت على نمو فكر فلسفي قائم على الاستقلال والبرهنة والنقد.

الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

ملخص قيمة الشخص من انجاز ذ محمد الشبة

قيمة الشخص ( محمد الشبة)

ما هو الإشكال الموجود في محور قيمة الشخص؟ كيف يمكن صياغته بدقة؟

لتحديد الإشكال في نظري لا بد من تحديد المفاهيم المكونة له، وهي المفاهيم المكونة لعنوان المحور الذي هو : الشخص بوصفه قيمة.

فالعنوان يتكون من مفهومين أساسيين هما: الشخص والقيمة.

فما معنى الشخص؟ وما معنى القيمة؟

لا بد أن نجيب عن هذين السؤالين لتحديد إشكال المحور بعد ذلك.

والأستاذ مضطر هنا أن يعتمد، كما نفعل دائما، على معاجم فلسفية مشهود لها بالمصداقية والدقة في تحديد المصطلحات. وأعتقد أن المعجم الفلسفي لأندري لالاند هو من بين أشهر المعاجم وأدقها في تحديد المصطلحات، ولذلك سأعتمده في تحديد مفهومي الشخص والقيمة.

فالشخص يدل حسب معجم لالاند على الشخص الطبيعي من حيث هو جسم ومظهر، وعلى الشخص المعنوي من حيث هو ذات واعية، وعلى الشخص القانوني من حيث أن له حقوقا وواجبات.

أما مفهوم القيمة فيدل في معجم لالاند على المعاني التالية:

أ- المعنى الذاتي “القيمة خاصية ثابتة للأشياء التي يفضلها أو يرغب فيها شخص أو مجموعة من الأشخاص المحددين. وفي هذا المعنى تستعمل عبارة “القيمة الاستعمالية”؛

ب - المعنى الموضوعي “القيمة خاصية ثابتة للأشياء التي تستحق التفضيل ..”؛

ج - المعنى الموضوعي الافتراضي “القيمة خاصية ثابتة للأشياء باعتبارها تلبي حاجة لغاية ما”.

هكذا فالقيمة هي خاصية ثابتة؛ ومعنى الثبات هذا سيفيدنا كثيرا في تحديد إشكال المحور.

للقيمة معنى استعمالي؛ أي أنها خاصية ثابتة للأشياء التي لها قيمة لأننا نستعملها لتحقيق أغراض معينة.

للقيمة معنى تفضيلي؛ أي خاصية ثابتة في الشيء تجعلنا نفضله عن غيره من الأشياء.

فالقيمة إذن هي ما يجعل الشيء موضوع رغبة وتفضيل وقابل للاستعمال.

فنحن نعتبر أن أشياء معينة لها قيمة بالنسبة إلينا حينما تمتلك خاصية ثابتة تجعلنا نستعملها لتحقيق أغراض معينة ونرغب فيها ونفضلها عن غيرها. فنحن نعتبر مثلا أن النحل له قيمة لأنه يمتلك خاصية ثابتة فيه تجعله موضوع رغبة بالنسبة إلينا، وهذه الخاصية الثابتة هي إنتاجه للعسل مثلا الذي نستخدمه لتغذية أو الشفاء…الخ.

إن الإنسان إذن هو الذي يحدد للأشياء قيمتها بالنسبة إليه (كالنحل أو البقر أو السيارة…).

ولهذا فالأشياء لها قيمة ثابتة بالنسبة إلينا نحن الأشخاص، أما الشخص فله قيمة ثابتة يستمدها من خاصية تميزه كشخص.

وإذا كان الشخص كما أوردنا تعريفه عند لالاند يتحدد ب:

-ما هو طبيعي باعتباره جسم؛

- وبما هو معنوي باعتباره ذاتا ووعيا،

- وبما هو قانوني باعتبار أن له حقوقا وواجبات،

فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:

ما هي الخاصية الثابتة في الشخص والتي تجعل له قيمة في ذاته؟

نقول في ذاته لأن الأشياء لها قيمة بالنسبة للإنسان، أما الإنسان فله قيمة أصيلة كامنة فيه؛ فهذا ما يميزه عن الأشياء الأخرى إذ لا يمكن أن تكون له قيمة استعمالية أو يكون مجرد وسيلة تستخدمها جهات ما لتحقيق أغراضها.

بعبارة أخرى: ما هي الخاصية الثابتة في الشخص وتجعله ذا قيمة وجديرا بالاحترام والتقدير؟

إذا اتفقنا أن هذا هو الإشكال المتعلق بالمحور، فسيسهل علينا البحث عن مواقف فلسفية تجيب عنه.

وإذا كان كانط صاحب نص مؤسس فيما مجال تحديد قيمة الشخص، وإذا كان يحدد هذه القيمة في كون الشخص ذاتا لعقل أخلاقي عملي؛ أي أن الخاصية الأخلاقية هي ما يمنح للشخص قيمة، وهو ما يجعل الشخص بالتعريف هو كائن أخلاقي، فإنه يتوجب علينا أن نبحث عن موقف آخر يجعل قيمة الشخص خارج مجال الأخلاق، أي موقف لا يعرف الشخص بالضرورة أنه كائن أخلاقي.

ومثل هذا الموقف هو الذي وجدناه عند فيلسوف معاصر كطوم ريغان، حينما يحاور كانط مباشرة ويقول بأن قيمة الشخص تكمن في خاصية ثابتة لدى الكائن البشري وهو كونه ذات تستشعر حياتها وليس في كونه ذات أخلاقية؛ لأن طوم ريغان يرى أن هناك فئات من الناس يقصيهم التحديد الأخلاقي الكانطي ما دامت لا تتوفر فيهم الخاصية الأخلاقية مثل الأطفال والمجرمين والمرضى العقليين…الذين لا يجوز أن نعاملهم كمجرد وسائل ماداموا ليسوا أخلاقيين، بل يجب أن نحترم كرامتهم وقيمتهم الإنسانية الأصيلة التي يتوفرون عليها باعتبارهم كائنات حاسة وتضيف خاصية الوعي إلى الحياة؛ إذ أنهم يعون ما يعتمل في حياتهم من مشاعر وأفكار ورغبات، كما يستمتعون بالنعيم ويتطلعون إلى تحقيق ما هو أفضل بالنسبة إليهم.

فخاصية استشعار الحياة هاته هي خاصية ثابتة ومشتركة بين جميع الأشخاص، وهي التي تمنح لهم قيمة أصيلة فيهم. أما الخاصية الأخلاقية التي تحدث عنها كانط فهي محدودة ولا تشمل جميع الناس.

إذن فطوم ريغان يبين حدود الموقف الكانطي، ويكشف عن الصعوبات والمفارقات التي يطرحها؛ إذ أن نتيجة الموقف الكانطي هي أن كل كائن لا تتوفر فيه الخاصية الأخلاقية يجوز التعامل معه كالأشياء، ويصبح فاقدا للكرامة ولا يعود شخصا. وهذا ما يجعل كانط، وهو المعروف بمثاليته الأخلاقية، يجسد موقفا لا أخلاقيا تجاه هذه الأنواع من الكائنات البشرية التي تفتقد إلى الصفة الأخلاقية.

أما خاصية استشعار الحياة فهي تشمل كل الناس وتجعل لهم قيمة أصيلة في ذاتهم وغير قابلة للمساس.

هكذا فنحن نتحفظ على تحديد الإشكال كما يلي : من أين يستمد الشخص قيمته ؟ هل من اعتباره غاية في ذاته أم من اعتباره نافعا للآخرين ؟ هل قيمة الإنسان مطلقة أم نسبية ؟

لماذا نتحفظ على ذلك؟

لأن مفهوم القيمة يفترض صفة الثبات بالضرورة؛ فما يجعل للشي قيمة هو خاصية ثابتة ومطلقة فيه وليست متغيرة ونسبية.

ولذلك يجب البحث عن هذه القيمة الأصيلة والثابتة التي توجد في الشخص بحكم ماهيته كشخص؛ وهذه القيمة تكون ملازمة فيه وهي التي يحددها مثلا كانط في العقل الأخلاقي ويحددها طوم ريغان في الذات التي تستشعر حياتها؛ فإذا أردت أن تكون لك قيمة الشخص حسب كانط وجب أن تكون ذاتا لعقل أخلاقي عملي، وإذا أردت أن تكون لك قيمة الشخص حسب طوم ريغان وجب أن تكون ذاتا تستشعر حياتها.

أما تحديد الإشكال انطلاقا من: هل قيمة الشخص مطلقة أم نسبية؟ هل الشخص غاية في ذاته أم نافع للآخرين؟

فنحن لا نقبله،لأن القيمة هي أصلا خاصية مطلقة وثابتة في الشخص ونحن فقط نريد من الفلاسفة أن يحددون لنا أين تكمن؟ كما أن معيار المنفعة لا يصلح لتحديد مفهوم القيمة لأنه معيار زئبقي ومتغير؛ يكون معه الشخص ذا قيمة بالنسبة للبعض لأنه نافع لهم، وفاقدا لهذه القيمة بالنسبة للبعض الآخر لأنه غير نافع لهم.

ويبقى في الأخير أن نقر بأن القيمة هي بالتعريف خاصية ثابتة تميز الشخص عن غيره من الكائنات والأشياء، ويبقى علينا أن نبحث مع الفلاسفة أين تكمن هذه القيمة الأصيلة والثابتة المميزة له؟

وموقفي كانط وطوم ريغان يفيان بالغرض فيما يخص الإجابة عن هذا الإشكال، ولذلك فقد استثمرناهما في المحور.

أما غوسدورف فهو بنظرنا لا يخرج في إطار تحديده لقيمة الشخص عن التحديد الكانطي المتمثل في الخاصية الأخلاقية، حتى وإن اختلفا في تصورهما لأساس الأخلاق وطبيعتها.

ما الانسان

مجزوءة الإنسان


إن الإنسان كائن متعدد الأبعاد، ويمكن الحديث لديه عن بعدين رئيسيين : بعد طبيعي وبعد ثقافي، و ما سنتطرق إليه في هذه المجزوءة له علاقة بهذين البعدين و بأوجه التداخل بينهما.

إن الفلسفة منذ بداياتها الأولى اهتمت بموضوع الإنسان بل يمكن اعتبار السؤال : ما الإنسان؟ سؤالا مركزيا في مجال التفكير الفلسفي بحيث تتفرع عنه كل الأسئلة و الإشكالات الأخرى. هكذا فمنذ العصر اليوناني القديم قال سقراط : ” يا أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك ” وقد قدمت عدة تعريفات للإنسان، فقال أرسطو ” إن الإنسان حيوان ناطق أو أنه حيوان سياسي “ وقال شوبنهاور ” إن الإنسان حيوان ميتافيزيقي، ” كما قال إرنست كاسيرر Ernest Kassirer ” إن الإنسان حيوان رامز” ، كما نجد تعريفات أخرى للإنسان دون أن نعثر على تعريف جامع مانع لمفهوم الإنسان.

سنتناول في مجزوءة الإنسان بعض الخصائص الأساسية التي تميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى، و أهم سمة تميزه هي سمة الوعي، فهل يمكن تحديد الوعي بدقة؟ وهل يمكن اعتبار الإنسان وعي فقط أم أن هناك دوافع لا واعية تحدده أيضا ؟ فما علاقة الوعي باللاوعي إذن ؟ و ما هي مختلف أشكال و مظاهر اللاوعي ؟ كما يعتبر الإنسان أيضا حيوانا راغبا، ففضلا عن أن له حاجات بيولوجية يشترك فيها مع الحيوانات فإنه يتفوق عنها إذ أن له رغبات أيضا، فما الرغبة؟ وكيف تتحدد علاقتها الحاجة؟ وهل يمكن للإنسان أن يعرف رغباته جيدا ويتحكم فيها؟ و ما هي الرغبات التي من شأنها أن تحقق للإنسان السعادة؟.

كما يعتبر الإنسان كائنا لغويا، فما الذي يجعل اللغة خاصية إنسانية؟ و إذا كان الإنسان يستخدم اللغة فمن أجل التعبير عن الفكر، فكيف تتحدد علاقة اللغة بالفكر، هل هي علاقة انفصال أم اتصال؟ و هل يمكن الحديث عن أحدهما في غياب الآخر ؟ ثم إن الإنسان لا يستخدم اللغة من أجل التعبير عن الفكر فقط بل أيضا من أجل تحقيق التواصل داخل المجتمع. و أثناء عملية التواصل تقوم اللغة بعدة وظائف من أهمها وظيفة السلطة، فكيف تمارس اللغة هذه الوظيفة ؟

إن الإنسان أيضا كائن اجتماعي بطبعه، فهو يميل إلى العيش مع الآخرين وفقا لمبادئ و قوانين و تشريعات، فما هو أساس الاجتماع البشري؟ و كيف تتحدد علاقة الفرد بالمجتمع؟ و كيف ينبغي أن تمارس السلطة داخل المجتمع؟

ملخص هوية الشخص


هوية الشخص


يمكن إرجاع التفكير في مفهوم الهوية فلسفيا إلى سقراط، خصوصا وأن هذا الفيلسوف أطلق شعار: "أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك"، معتقدا أن الإنسان يحمل حقيقة كل شيء في ذاتها ويكفيه أن يستبطن ذاته. كما حاول ديكارت، فيما بعد، أن يؤسس لمفهوم الشخص من خلال حقيقة الكوجيتو (أنا أفكر أنا إذن موجود). وذلك ما يبين أن هوية الشخص، في تصور الفيلسوف، قابلة للتحديد في كينونته الواعية والمفكرة.

إن التفكير بهذه الطريقة، قد يجعلنا نعتقد أن هوية الشخص حقيقة يمكن تبينها بشكل ميسر. لكن الواقع أن الأمر ليس بهذه البساطة، فهذا جون لوك J. Locke، مثلا، يرى أن حقيقة الشخص تتمثل في اعتباره ذلك الكائن العاقل المفكر الذكي. والوعي (أو الشعور) هو ما يمكن الشخص من تمثل حقيقة ذاته، علما بأن الوعي والتفكير متلازمان. ومن ثمة، يرى الفيلسوف، أن الرجوع إلى الذات سيظهر للفرد أنه نفس الشخص مهما تغير الزمان والمكان. وسيكون بمقدوره أن يحد نفسه باعتباره تلك الأنا التي تجسد هويته الخاصة. وبالقدر الذي تتجه الذكريات نحو الماضي (الطفولة)، بالقدر الذي تتسع هوية الشخص. واتساع الهوية لا يعني تغيرها لأن الشخص يعي أنه هو نفسه من كان يقوم بتلك الأعمال في الماضي.

ويستبعد جول لاشوليي J. Lachelier أن توجد داخل الشخص أنا ثابتة وقارة. إن الذي يولد لدى الفرد إحساسا بأن له هوية، أو ذاتا مميزة، قابل للاختزال في عاملين: استمرار نفس الطبع، وترابط الذكريات. هكذا يعتقد الشخص أن سلوكياته يحكمها خيط ناظم؛ وأن ما هو عليه اليوم مكمل لما كان عليه في الماضي. ومن ثم، تبدو انطباعاتنا النفسية اليوم تداعيات لحالات ماضية. من هذا المنطلق، يرفض الفيلسوف أن تتحد هوية الشخص في شيء قبلي متأصل في الوعي، لأن الهوية ليست إلا عبارة ذكريات تتداعى ويستدعي بعضها بعضا.

أما شوبنهاور Schopenhauer فينطلق، من رفض كل تصور يربط الهوية بصفات الشخص الجسمية لأنها دائمة التغير. لكنه يرى، في ذات الوقت، أن تقدم السن لا يمنع المرء من الإحساس بأنه نفس الشخص، كما يستطيع الناس أن يتعرفوا عليه بعد أمد طويل. إن ذلك ما يدفع إلى ربط هوية الشخص بالعناصر الثابتة، وذلك ما يدفع الناس إلى الاعتقاد أن الهوية ترتبط بالوعي. إلا أن الفيلسوف يرفض ربط الوعي بالذكرى، لأن المرء لا يتذكر إلا أحداثا مهمة وأساسية، والباقي يطويه النسيان، علاوة على أن عمل الذاكرة قد تشله أمراض أو عوارض أخرى. أما الهوية فتتسم بالاستمرارية، ولذلك لا يمكن أن تحدد في الذات الواعية أو العارفة، لأن الهوية لا تتحدد بشيء آخر غير الإرادة (التي يتمثلها الفيلسوف كشقاء وكشيء في ذاته)..

ويعتبر مونيي Mounier من الفلاسفة الذين يتفقون على أن هوية الشخص لا تتحدد في بعده الجسمي أو في تمظهراته الخارجية. ليؤكد أن الشخص ليس موضوعا: فجسم الشخص، الذي يتجسد فيه وجوده الموضوعي، قابل للمقاربة العلمية الفسيولوجية. وعلى خلاف ذلك، إننا لا نستطيع أن نتمثل إحساس الشخص بجسمه. بل إن الشخص قد يمثل وحدة من كل، ومع ذلك يظل هو هو: حيث يمكن، مثلا، أن يكون أحد الاشتراكيين، أو أحد البرجوازيين، أو أحد الموظفين...، لكننا لا نستطيع أن نقول عن شخص اسمه "برنار شارتيي"، إنه أحد من "برنار شارتيي"، وإنما نقول إنه " برنار شارتيي". كما أن الصور التي نعرفها عن الشخص تساعدنا على الاقتراب منه، إلا أن الشخص يظل بمنأى عنها لأنه ليس شيئا آخر سوى ذاته. فالشخص يظل الموجود الوحيد الذي نستطيع أن نعرفه أو نشكله انطلاقا من دواخله.

إن بعض التقاطعات التي توجد بين التصورات السابقة، لا تؤكد التقاء مطلقا في تحديد هوية الشخص.. ومع ذلك، يظل الشيء المؤكد يتمثل في أن هوية الشخص تظل فيما يمكن أن يميز الإنسان عن الأشياء، وأيضا فيما يمكن أن يميز الفرد عن الآخرين.. وذلك ما يدفع إلى طرح السؤال التالي: فيم تكمن قيمة الشخص؟

تعريف مفهوم الشخص

إن كلمة الشخص في الاصطلاح الغربي، مشتقة كلمة persona اللاتينية التي تفيد القناع، الذي كان الممثلون يضعونه على وجوههم على خشبة المسرح. إن ذلك ما يوحي، في أول وهلة، إلى التفكير في ما إذا كان بالإمكان الاقتراب من تحديد مفهوم الشخص، من خلال الأدوار الاجتماعية، التي يضطلع بها الناس خلال حياتهم. وما إذا كان الناس أحرارا في توجيه حياتهم وفق إرادتهم.. إن التأمل في حقيقة الشخص، ليس من الأمور التي يمكن استصغارها، لأنها تحتاج في الواقع إلى تأمل فكري عميق، وذلك ما سنحاول القيام به، معتمدين على بعض تصورات الفلاسفة، ومسترشدين بالتساؤلات التالية: ما هي طبيعة الشخص وفيم تتحدد هويته؟ هل يملك الشخص قيمة وفيم يمكن حصرها؟ هل الشخص حر في بناء كينونته وتحديد هويته؟

تعريف الوضع البشري

مجزوءة الوضع البشري

تقـديـــم :

يشير مفهوم " الوضع البشري" إلى مختلف الشروط و المحددات التي يتأطر ضمنها وجود الإنسان ومصيره، أي العوامل التي تتدخل في تحديد طبيعة هذا الوجود وتسمح بفهم أو معرفة حقيقة الكائن البشري ...فالإنسان ،وإن كان في جانب منه يتحدد ككائن طبيعي ، يمثل بالأساس ذاتا متميزة عن الكائنات الأخرى بفضل ما يتوفر عليه من مقومات فوق طبيعية يعكسها بعده الفكري والأخلاقي . وهذا التكوين الإزدواجي المعقد يجعل وجود الإنسان مرهونا بسلسلة من الضرورات أو الحتميات التي قد تكبل إرادته ، لكن الإنسان يظل قادرا على الإنفلات من قبضة الضرورة وتحقيق التباعد أو التعالي عن الشروط الموضوعية لوجوده (مفهوم الشخص)...ومن المؤكد أن النظرة إلى الإنسان لا تكتمل إلا بمراعاة بعده العلائقي أو الإجتماعي . فهو لم يوجد ليعيش وحيدا، ولا يتحدد كذات معزولة عن الآخرين، بل يدخل مع غيره في علاقات متنوعة يستلزمها العيش ضمن المجموعة البشرية ، علاقات قد تتسم بالتكامل عندما يكون الغير مكملا لوجود الأنا ومدعما له، أو بالتعارض والتنافر حين يصير الغير مهددا لوجود الأنا وسالبا لمقوماته (مفهوم الغير)...واخيرا، فالإنسان ذو بعد زمني يتجلى في ارتباطه بالأوضاع التاريخية وتفاعله مع التغيرات الزمنية مما يجعل منه سيرورة زمنية ذات طابع فردي أو جماعي ، وهو ما يعني أن التاريخ يمثل محددا أساسيا في بلورة الوجود الإنساني (مفهوم التاريخ ).

هكذا، فبالنظر إلى تعدد و اختلاف المستويات التي تحكم الوجود الإنساني، فإن التفكير في مفهوم الوضع البشري يقتضي استحضار عدة مفاهيم تشكل المقومات أو العناصر الأساسية التي يتأطر ضمنها ..

فكيف تتحدد مفاهيم الشخص والغير والتاريخ باعتبارها مكونات أساسية للوضع البشري ؟

الفلسفة وتعريفاتها المختلفه .

الفلسفة وتعريفاتها المختلفه .
الفلسفة وتعريفاتها المختلفة


إن الاجابة على هذا السؤال تهدف الى وضع تعريف يبين لنا خصائص وموضوعات البحث الفلسفي الا ان هذا السؤال مثله مثل اسئلة اخرى من مثل ، ما هو الفن ؟ او ما هو الانسان؟ ،

الااننا لانحصل على اجابة دقيقة عند سؤالنا عن ماهية الفلسفة مثلما في علم الرياضيات ،

وهنا يبقى السؤال مفتوحا ينطبق على قابلية الحصول على اجوبة متعددة متنوعة ومضافة

وقبل الدخول في اسباب ذلك تجب الاشارة الى ان اللفظة [ فلسفة ] تعود الى اليونانية في اصلها وهي كلمة مركبة من مقطعين :

الاول [ فيلو ] وتعني حب ،

والثاني [ سوفيا ] وتعني الحكمة

وبذلك يكون المعنى العام للكلمة بمقطعيها [ حب الحكمة ] .

واوردت المصادر التاريخية روايات متعددة عن اول استخدام للكلمة في تاريخ الادب اليوناني . فـ قيل ان فيثاغورس هو اول من استخدم هذه الكلمة [ وهو الفيلسوف المعروف في نظريته في المثلثات والتي حملت اسمه حتى يومنا هذا ] ..

وقيل ان سقراط هو اول من استخدم تلك الكلمة ،

وفي رواية اخرى اُ رجع استخدام الكلمة الى فترة اقدم حيث وردت في وصف [ سولون المشرع ] من قبل احد محاوريه ، وسولون المشرع هذا ويسمى الحكيم احيانا هو من اشهر المشرعين للقوانين في اليونان القديمة .. وبغض النظر عن هذه الاختلافات فان المعنى اللغوي الحرفي لا يفي ولايكفي بتعريفنا بماهية الفلسفة .


ذلك ان الكلمة اصبحت اصطلاحا يدل على مجال من مجالات المعرفة ، وبالعودة الى اسباب اختلاف وتعدد تعريفات الفلسفة نقول ان ذلك يعود الى عاملين اساسيين :-


الاول :-

ان معنى الفلسفة وبحال البحث الفلسفي ليس على حال واحدة في كل العصور ، انما هو يختلف من عصر الى عصر ، بحيث نجد بان مجال البحث الفلسفي في العصر اليوناني الاول يكاد يقتصر على مشكلة الطبيعة او الوجود بينما المعنى يتسع على يد افلاطون ليشمل موضوعات متعددة من بينها علم الاخلاق وعلم الجمال واللغة ، واصبح مجال البحث الفلسفي اكثر ترتيبا ووضوحا على يد ارسطو طاليس حيث شهدت الفلسفة ظهور علم جديد هو علم المنطق الذي وضع اصوله واسسه ارسطو طاليس واصبحت دلالة الكلمة بعد ارسطو بتاثيره واسعة تشمل البحث في مختلف العلوم ، اما في بداية العصر الحديث فقد شهدت الفلسفة ظهور مباحث جديدة متخصصة اخذت اولوية واهمية لم تحصل عليها سابقا وبالتحديد اعني ظهور مبحث نظرية المعرفة ، الذي يصطلح عليه بـ [ الابيتمولوجيا ] اي علم المعرفة او [ علم العلم ] وفي عصرنا هذا نجد ان مبحث فلسفة اللغة قد اخذ الاولوية في مجال البحث الفلسفي .
كما ان معنى الفلسفة وبحالها قد شهدت تغيرا جذريا مع انفصال العلوم عن الفلسفة في العصر الحديث مثل : علم الكيمياء والفيزياء والرياضيات وعلم النفس وعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع ..الخ .

ولهذا نقول بان كل ما تقدم يؤشر لنا ما قررناه سلفا وهو ان معنى الفلسفة وموضوعات البحث الفلسفي من الوجهة التاريخية لم تكن على حال واحدة في كل العصور وانما اختلفت من عصر الى عصر مما جعل النظرة الى الفلسفة ووضيفتها ومعناها تختلف ايضا من عصر الى عصر مما يترتب عليه تعدد واختلاف التعريفات .

الثاني :-

ان الفيلسوف في تعريفه للفلسفة يعكس الى حد بعيد وجهة نظره الخاصة فيما يراه من وظيفة وموضوع للبحث الفلسقي ، فنجد فيلسوفا يرى ان مشكلة الوجود هي موضوع الفلسفة وبها تعرف .

يقول ارسطو [ ان الفلسفة هي البحث في الوجود بما هو موجود ] في حين نرى ان فيلسوفا آخر يرى ان وظيفة الفلسفة الاساسية هي البحث في المشكلة الاخلاقية وعلى اساس ذلك نراه يعرف الفلسفة ،، وعلي سبيل المثال يعرف الفيلسوف [ ابيقور ] الفلسفة بانها [ السعي الى حياة السعادة باستعمال العقل ]

كذلك نرى بان الرواقية تعرف الفلسفة بانها [ فن الفضيلة ومحاولة اصطناعها في الحياة العملية ] .

ومما تقدم يتبين لنا اختلاف الفلاسفة في تشخيص الموضوع الرئيسي للبحث الفلسفي وبالتالي يتقرر اختلافهم في تعريف الفلسفة .

وفيما ياتي نستعرض مجموعة من تعريفات الفلاسفة للفلسفة:-

اولاً :- الكندي المتوفى بعد 257 للهجرة [ علم الاشياء الابدية بكلياتها وآنيا تها وما هياتها ]

ثانياً :- وتعريف ابي نصر الفارابي المتوفى 339 للهجرة [ العلم بالموجودات بما هي موجودة ]

ثالثا :- تعريف ابن سينا المتوفى 428 للهجرة [ استكمال النفس البشرية بمعرفة حقائق الموجودات على ماهي عليه بقدر الطاقة البشرية ]

رابعا :- تعريف فرنسيس بيكون ، والذي يمثل الاتجاه التجريبي في الفلسفة الاوروبية الحديثة ويعرفها على انها [ تفسير وصفي للكون عن طريق الملاحظة والتجربة بقصد السيطرة على الطبيعة والتحكم في مواردها ] .

خامسا :- رينيه دي كارت والذي يمثل الاتجاه العقلي الفلسفي للاوروبية الحديثة فهو يعرف الفلسفة بانها [ العلم بالمبادئ الاولى ] وهو شبه الفلسفة بشجرة جذورها علم مابعد الطبيعة [ الميتافيزيقيا ] وجذعها علم الطبيعة وفروعها بقية العلوم ونجد في الفلسفة المعاصرة ان الوضعية المنطقية وهي اتجاه فلسفي ظهر في القرن العشرين ترى ان وظيفة الفلسفة تقتصر على [ التحليل المنطقي لللغة ] .


ويمكن لنا هنا ان نضع خلاصة نعدها تعريفا يبين لنا اهم الموضوعات التي تبحثها الفلسفة وبها تعرف بشكل عام وهي :-

[ ان الفلسفة هي التفكير العقلي في موضوعات وقضايا تتعلق بمشكلات الوجود والمعرفة والقيم ويتفرع عنها دراسة الموضوعات الآخرى ]

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : عرب بلوجر